لقد تكرر على مسامع التلاميذ لفظ سائل بمناسبة وجبات الصباح حيث نحصل أحيانا على الحليب كمشروب أو على الماء ولقد لهونا في أثناء محاولتنا لصنع مشروبنا الخاص باستخدام سوائل مختلفة، وأخيرا وصل حوض الماء إلى الفصل واستغلت كل مجموعة من التلاميذ وقت فراغها في مناورات حرة وجود مغارف وأوعية وأقماع؛ ولقد فكرت في أنه لإنشاء مفهوم السيولة لدى الطفل يمكن استغلال المواجهة مع غير السوائل الموجودة في البنية المحيطة به (سائل / غير سائل، فلا مجال للتطرق إلى مفاهيم أخرى لعدم ذكر المواد الصلبة!)، ويوجد بفناء المدرسة حوض رمل يواظب التلاميذ على التردد عليه عندما يكون الجو صافيا، لذا قمت بتوجيه الأسئلة إلى التلاميذ كل على حده خلال لهوهم بفترة الراحة، وكان السؤال المطروح هو التالي: "هل تعتقد أن الرمال سائلة؟" ولقد استخدمت الفعل "تعتقد" في السؤال لتأثيره في التلاميذ أكثر من صيغة محايدة: هل…، ثم سجلت إجابات الأطفال ثم عدنا إلى الفصل ودارت مناقشة بين مجموعة كبيرة ودارت مناقشة أخرى بين آخرين حول الرمل الجاف والرمل المبلل، واعتقد البعض أن الرمل الجاف سائل واعترض آخرون على ذلك، وقادنا الرمل المبلل إلى شاطئ البحر، وتم التطرق إلى ماء البحر المالح من قبل طفل كان قد أقر أن الماء المالح ليس بسائل لأنه مالح، فهل تعتقدون أن على مستوى المنطق الطفولي يرجع هذا التأكيد إلى عادة سيئة متعلقة باستخدام اللغة الدارجة ونسيان منح صفتين أو أكثر معا لنفس الجسم (ينبغي القيام بالتالي: تعريف الجسم بأكثر من صفة: جسم مربع وأحمر فالصفات لا تتنافي مع بعضها البعض)؟ أم يمكن لوجود الملح على هيئة حبوب منع التلميذ من استيعاب فكرة أن الماء سائل لعدم إدراكه لظاهرة الذوبان؟ مما يسمح لنا بالقيام بالعديد من التجارب في الفصل، فها هو وضعنا! والآن يتبقى لنا صب الشمع الساخن والسائل بالرمل (القالب المفرغ) لصنع شمع عيد الميلاد.
وسوف أقوم بتسجيل أفكار التلاميذ؛ وستطفو الشمعة المنفذة (أو هذا ما أمله، فهل سنواجه مشكلة بالطفو؟ وهذا ضمن ترتيبات الاحتفال بسنة ٢٠٠٠) ليلة عيد الميلاد ببرطمان مربى مزين.

إنك تعرض من خلال سؤالك مشكلة مثيرة للاهتمام، ما الذي تعنيه كلمة سائل بالنسبة للتلاميذ؟ وهل يمكن خلق "فئة السوائل" لدى التلاميذ بهذا العمر، فإذا كانت الإجابة نعم فكيف وتحت أي صيغة يمكن الوصول إلى ذلك؟ ومن جهة أخرى لست واثقا من مقدرتي على تفسير إجابة الطفل الذي قال: "مياه البحار ليست سائلة لأنها مالحة"؛ وإليك بعض الملحوظات: هناك بالنسبة للتلاميذ بهذا العمر فرق ملموس بين "السوائل" (كالماء واللبن وعصير البرتقال) كلمات تنطق في سياق محدد بالحياة اليومية وبين "هذا سائل"؛ فالسوائل هي مصطلحات عامة تعني المشروبات بينما يعرف التعبير "هذا سائل" حالة المادة، وإنك واعٍ لهذا الفرق بما أنك تنوي بناء "مفهوم السيولة" لدى التلاميذ؛ وفي الواقع فإن هناك كلمة لازم اختراعها (ليس للتلاميذ وإنما للمعلمين المهتمين بهذه المشكلة بمرحلة رياض الأطفال)، فالأمر لا يتعلق ببناء مفهوم المادة بحالتها السائلة وإنما يتعلق بتعريف خصائص السوائل مقارنة بالمواد الصلبة، ويزعجني المصطلح "سيولة" إلى حد ما لاستخدامه عادة في تعريف ميوعة السائل؛ ولقد قمتم بتحديد المشكلة بشكل واضح، فلا يتعلق الأمر هنا بدراسة تغير حالة المادة وإنما بتعريف السوائل مقارنة بما هو غير سائل كما تقول، فينبغي إذا على هؤلاء التلاميذ أن يصفوا كل ما يسيل عند وقوعه أو ينبسط على الأرض أو لا يتكوم بأنه سائل فهذا هو بالضبط ما نصبو إليه هنا، ومن هذا المنطلق يبدو واضحا سبب سؤالك للتلاميذ عما إذا كانت الرمال سائلا وعلى الرغم من ذلك فهناك عدة عناصر تجعلني أقول أن صورة السائل كما هي مذكورة بالأعلى غير موجودة لدى الطفل عند نطقه بتلك الجملة الشهيرة، فالسائل بالنسبة لهم يبلل وبالتالي فالشئ الرطب يمكن أن يكون سائلا وبالتالي ففرصة الرمل المبلل أن يكون سائلا أكبر من فرصة الرمل الجاف، لذا لعله من الأفضل قبل القيام بصنع الشمعة متابعة المقارنة لتطوير إنشاء هذا المفهوم أم سيساعد استخدام الشمع الساخن لصنع هذه الشمعة في إتمام هذه المعرفة؟ في هذه الحالة يقول التلاميذ عادة أن الشمعة تنتج ماءً ثم بعد ملاحظتهم لتحول هذا الماء إلى اللون الأبيض يقولون أنه ماء الشمعة فيشير الماء المثال على السوائل بالنسبة لبعض التلاميذ إلى الحالة السائلة، ولكن كيف نفسر تلك الجملة؟ لست أدري تماما فيبدو لي أنها نابعة من حالة فردية، لعل للطفل الذي نطقها معرفة خاصة بالبحر وإذا كانت كلمة سائل بالنسبة له مرتبطة بالماء أي الماء النقي (الموجود بالحياة اليومية بالتأكيد) فهذا الماء إذا (الذي لا علاقة له بالماء الذي اعتاد عليه لكونه مالحا) ليس بسائل؛ وفي كل الأحوال لا تخشي شيئا فيما يخص الشمع فهو سيطفو!

وأتمنى لكم تنفيذا سعيد للشمع وعيد ميلاد سعيد!

إنني في هذه الحالة كنت لأجري التجربة باستخدام سوائل مختلفة (ماء وماء مالح وعصير برتقال ولبن… الخ) لأوضح النقاط المشتركة بينها، ويمكن الإطلاع على مستند Insight عن السوائل؛ ومن المحتمل أن يكون الطفل قد منح صفة سائل إلى الماء فقط، لذا ينبغي إجراء التجربة معه مستخدمين في ذلك الماء المالح، ولا ينبغي أن يتأخر التفسير المنطقي لوجود العديد من المواقف التي يحصل فيها أيضا على أكثر من صفة، ويجب التوصل عنها بطرح الأسئلة على الطفل.